ما هو المنطق الأخلاقي الذي اعتمده أصحاب مقولة السيادة في رفضهم لفك أسر آلاف المواطنين العالقين من قيود الآلام والعذاب عند معبر رفح ؟! وهل أصبح الإخلاص في تحرير الإنسان من كربته، وتذليل العقبات والحواجز أمامه، وتسهيل عودته إلى البلد خيانة وعمل لا أخلاقي ؟!!
أيريدون أن يعاد المواطن إلى بلده في نعش إلى المقبرة مباشرة ؟! ألا يكفيهم موتنا البطيء " وعيوننا مفتحة" سيفرح إخواننا وأهلنا العالقون ما وراء حدود المحافظات الجنوبية بعودتهم إلى بيوتهم وذويهم ؟!!
وسنفرح لانتقالهم وانضمامهم إلينا، فعلى الأقل نستطيع أن نتمشى وإياهم في " الفورة " ونقطع المسافة مابين شرق غزة حيث دبابات الاحتلال، وغربها حيث " دبابيره " البحرية الحربية ترسم حدود مياهنا الاقليمة والتي لا تتجاوز في أحسن الأحوال موطن " السردينة البذرة " القريب جدا من الشواطىء - وعلى فكرة قد لا تزيد المسافة من شرق غزة حتى غربها عن طول ضلع في مساحة مزرعة لثري ما ! فالعشرة كيلو مترات التي كانت متوفرة لنا، وبعد ان "صدقنا " أن الجيش الإسرائيلي انسحب منها، عاد بعضنا المتسلح بالرفض للسلام وقدم له المبررات على طبق من ذهب ليحرق ويجرف مزارع وبيارات وأرزاق الناس فتقلصت العشرة المتاحة كالمطاطة المتروكة من طرفها من بعد شد.
نريد الاطمئنان بان مخيما آخر للفلسطينيين لن يبنى، وانه إذا أقيم لأيام وفي ظروف استثنائية فانه لن يدوم، فقدرة المسؤولين على تحقيق عودة العالقين على بعد أمتار من حدود الوطن قد تبشرنا بمستوى قدراتهم الخلاقة لتجسيم الحلول الخلاقة لعودة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين قسرا من بيوتهم وأراضيهم، وتؤكد الثقة بالمسؤولين الذين بيدهم عقدة أمورنا وتنبئنا بتحررهم عقد المواقف والسياسات الضد لمنطق الحاضر والمستقبل، وبذات الوقت سيكتشف المناضلون من أجل الحرية والاستقلال عقم مفاهيم وشعارات لا يربطها بزماننا وواقعنا سوى أنها تبث عبر مرئيات مكتوب في أعلى الزاوية اليمنى " مباشر ".
نفهم تمسك البعض بمفاهيمه ورؤاه حول قضية السيادة وضرورة التأكيد على منفذ رفح كمعبر حدودي رسمي بين المحافظات الجنوبية الفلسطينية، ومصر العربية الشقيقة، وهذا ما نناضل جميعا من أجله في ظل معرفتنا وإدراكنا لنصوص اتفاقيات تشغيل وإدارة هذا المعبر، لكن أن يتعهد قادة في حركة حماس التي تسيطر على الوضع برمته في غزة بإفشال دخول المواطنين إلى بلدهم عبر معبر العوجة المصري- الإسرائيلي بوسط سيناء ومن ثم معبر بيت حانون ووصف اتفاق السلطة مع الأشقاء المصريين بأنه لا أخلاقي وخيانة فهذا ما لا نفهمه ولا يمكن تبريره مهما دلقت من أجله التصريحات المكتنزة بمصطلحات من العيار الثقيل مثل " السيادة ".
يجب أن نفكر جميعا كيف نضمن عودة المواطنين إلى بيوتهم وأهليهم، فلا يهم الطريق الذي سيسلكونه ما داموا قد دخلوا بقلوبهم وعقولهم الفلسطينية ولم يصادرها أحد عند المعابر، ويقيني انه لن يقوى أحد على مصادرتها، فلم الخوف والتهديد بإفشال الحل الإنساني، فليست عيارات القذائف الثقيلة ولا المتوسطة ولا التي تحكى الأساطير عن تطورها هي الحل لقضية العالقين، فإذا كنا فعلا نحب أبناء شعبنا ونعمل من أجل أمنهم وسلامتهم، فعلينا جميعا ان نهيئ ونمهد السبل للعائدين المحررين من سوط الصحراء اللاهبة، فالغربة قاتلة. .
لكن الأشد من الموت بالصحراء ان يقتلك عناد واحد من أهلك لا يعرف للندم والاعتراف سبيلا ، فتراه مصرا على السير بك في "الدروب العوجة " أي الملتوية والتي يسمونها أيضا " المتاهات " فتسقط من شدة الإعياء فينعاك شهيدا !
الإثنين يوليو 30, 2007 2:47 pm
